يا جارة الوادي ... أحمد شوقي

يا جارة الوادي طربت وعــادني

ما يشبه الأحلام من ذكـــراك



مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى

والذكريات صدى السنين الحاكي



ولقد مررت على الريـاض بربوة

غناءة كنت حيالهــــا ألقاك



ضحكت إلى وجهها وعيونهـــا

ووجدت في أنفاسها ريـــاك



فذهبت في الأيام اذكر رفرفـــا

بين الجدوال والعيون حـواك



أذكرت هرولة الصبـابة والهوى

لما خطرت يقبلان خطــاك؟



لم ادر ما طيب العناق على الهوى

حتى ترفق ساعدى فطواك



وتأودت أعطــاف بانك في يدي

واحمر من خفريهما خداك



ودخلت في ليلين:فرعك والدجى

ولثمت كالصبح المنور فاك



ووجدت في كنه الجوانح نشـوة

من طيب فيك ومن سلاك لماك



وتعطلت لغة الكلام وخاطبت

عيني في لغة الهوى عينــاك



ومحوت كل لبانة من خاطرى

ونسيت كل تعاتب وتشاكـى



لا أمس من عمر الزماني ولاغد

جمع الزمان فكان يوم رضاك


*محا البين* --محمود سامي البارودي
مَحَا الْبَيْنُ مَا أَبْقَتْ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي******فشبتُ وَ لمْ أقضِ اللبانة َ منْ سـني
عناءٌ ، وَ بأسٌ ، وَ اشتياقٌ ، وَ غربـة ٌ****ألاَ، شدَّ ما ألقاهُ في الدهرِ منْ غبنِ
فإنْ أكُ فارقتُ الديارَ فلي بهـــا*****فؤادٌ أضلتهُ عيونُ المها منــــي
بَعَثْتُ بِهِ يَوْمَ النَّوَى إِثْرَ لَـــحْظَة******فَأَوْقَعُهُ الْمِقْدَارُ فِي شَرَكِ الْحُسْـنِ
فَهَلْ مِنْ فَتى ً فِي الدَّهْرِ يجْمَعُ بَيْنَنَا؟*****فَلَيْسَ كِلاَنَا عَنْ أَخِيهِ بِمُسْتَغْـــنِ
وَلَمَّا وَقَفْنَا لِلْوَدَاعِ، وأَسْــــبَلَتْ**مدامعنا فوقَ الترائبِ كالمــــزنِ
أهبتُ بصبري أنْ يعودَ ، فعزنــي***وَ ناديتُ حلمي أنْ يثوبَ فلمْ يـغنِ
وَ لمْ تمضِ إلاَّ خطرة ٌ،ثمَّ أقـــلعتْ*بِنَا عَنْ شُطُوطِ الْحَيِّ أَجْنِحَة ُالسُّفْـنِ


بغداد -- نزار قباني
مُـدّي بسـاطيَ وامـلأي أكوابيوانسي العِتابَ فقد نسَـيتُ عتابيعيناكِ، يا بغـدادُ ، منـذُ طفولَتيشَـمسانِ نائمَـتانِ في أهـدابيلا تُنكري وجـهي ، فأنتَ حَبيبَتيوورودُ مائدَتي وكـأسُ شـرابيبغدادُ.. جئتُـكِ كالسّـفينةِ مُتعَـباًأخـفي جِراحاتي وراءَ ثيـابيورميتُ رأسي فوقَ صدرِ أميرَتيوتلاقـتِ الشّـفَتانُ بعدَ غـيابِأنا ذلكَ البَحّـارُ يُنفـِقُ عمـرَهُ
في البحثِ عن حبٍّ وعن أحبابِ
بغدادُ .. طِرتُ على حريرِ عباءةٍ
وعلى ضفائـرِ زينـبٍ وربابِوهبطتُ كالعصفورِ يقصِدُ عشَّـهُوالفجـرُ عرسُ مآذنٍ وقِبـابِحتّى رأيتُكِ قطعةً مِـن جَوهَـرٍ
ترتاحُ بينَ النخـلِ والأعـنابِ
حيثُ التفتُّ أرى ملامحَ موطنيوأشـمُّ في هذا التّـرابِ ترابيلم أغتـربْ أبداً ... فكلُّ سَحابةٍ
بيضاءُ ، فيها كبرياءُ سَـحابي
إن النّجـومَ السّـاكناتِ هضابَكمْذاتُ النجومِ السّاكناتِ هِضابي
بغدادُ.. عشتُ الحُسنَ في ألوانِهِ
لكنَّ حُسـنَكِ لم يكنْ بحسـابيماذا سـأكتبُ عنكِ يا فيروزَتي
فهـواكِ لا يكفيه ألـفُ كتابِ
يغتالُني شِـعري، فكلُّ قصـيدةٍتمتصُّني ، تمتصُّ زيتَ شَبابيالخنجرُ الذهبيُّ يشربُ مِن دَميوينامُ في لَحمي وفي أعصـابيبغدادُ.. يا هزجَ الخلاخلِ والحلى
يا مخزنَ الأضـواءِ والأطيابِ
لا تظلمي وترَ الرّبابةِ في يـدي
فالشّوقُ أكبرُ من يـدي ورَبابي
قبلَ اللقاءِ الحلـوِ كُنـتِ حبيبَتيوحبيبَتي تَبقيـنَ بعـدَ ذهـابي